لتتحرر .. لا تخلص
لا أحب أن تُقدس الكتب، وتتحول المكاتب إلى معابد، والكتّاب إلى آلِهة، أكره كل ذلك الهراء حول الإعتكاف والإعتزال بالكتب. نعم، أنا مصابة بمرض الفضول المعرفي الهائل، ولدي شغف مخيف لابتلاع كل تلك الكتب.
في طفولتي كان كل ما تصله يدي تلتهمه عيني، كنت أعقد صفقات لتبادل الألعاب بالكتب. لكن برغم من كل ذلك لم أكن ممن يتغزل بالكتب، ولا ممن يعلق صور المفكرين ويطوف حول أفكارهم ويحفظ كلماتهم كتعاويذ.
إن علاقتي بالكتب صداقة، لا. أنا كاذبة! إنني برغماتية لعينة ابنة عصري المادي، الكتب وسيلة لغاياتي فأنا استبدلهم باستمرار كملابسي، لا أقيم علاقات غرامية مع الكتب كالمهووسين.
اتذكر حين أخبرني صديق أنه مذهول من قدرتي السريعة والمرنة على ابتلاع كل الأفكار والتلاعب بها!
أتعلمون أين هو السر؟ عدم الاخلاص.
الاخلاص والولاء يقيدك يجعلك عبداً للفكرة، حين تؤمن بالفكرة وتُخلص لها فأنت تتحول لكلب مطيع، وتُحبس في عقل صاحبها كفكرة قديمة تموت وتنسى.
العلاقة النفعية القائمة على عدم الولاء تجعلك تتقبل كل الأفكار، تزيل كل الحواجز الوهمية، تتحول جميعها إلى عجينة لينة بيدك، تستطيع بلا تأنيب ضمير انتقاد ماتشاء، تكفر بما تشاء، تخرج من فقاقيعهم الفكرية كما تشاء. لا يوجد أي حبال تشدك إلى الخلف، لا يوجد خطيئة تكفرها، و لا قداسات تخضع لها.
عدم الاخلاص هو الحرية، والولاء للأفكار هو الجمود الذي سيقيد عقلك ويقتله.
تعليقات
إرسال تعليق