المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف الكتب

التفاهة جوهر الوجود

صورة
  "التفاهة هي جوهر الوجود" أخر جملة ختم بها كونديرا كل أعماله. لتتخيّل العالم كما تخيله ميلان كونديرا حفلةً ضخمةً من التفاهةِ، الجميع مدعوُّ للحفلة من عظماء التاريخ، العباقرة، الفلاسفة، الحمقى، الطّغاة، وحتى المشرّدين والمهمشين، والصعاليك والمجانين. يتظاهر الجميع بأن الحفلة لا تنتهي، كل الأحداث تتخذ صورة العبث اللانهائيّ.  المقاعد الأولى ستكون من نصيب ملاك اليقين متلحفين معاطف العقول، يسطعون كنجومٍ تحت هالة الأضواء، أولئك الذين يسعون لترويض العقول كما تروض الحيوانات، يختلقون قضايا وهميّةً لِيثملُون أيّامٍ وسنواتٍ عليها.   يجلس خلفهم حَفنةً من الطفيليين والانتهازيين، يستغلّون كل ما يقوله ويكتبه من سبقهم، يقتاتُون على ما يبصِقُونهُ ذوي المقاعد الأولى،يشربون ما تبقّى في الكؤوس، يدورون في زوبعاتِهم المصطنعة، وحين يصابون بالدّوار يلعنون الوعي.  بقية المقاعد تتكدس بالبسطاء اللامبالين، والحمقى السعداء. عند الأبواب يقف أولئك الذين يرغبون بالخروج مبكرًا  لانعدام رغباتهم في الاستمتاع. بين الزوايا وتحت الظلال يقبع شاردِي الذهن المنهمكين في طحن الأفكار، يتحسسون من الأضواء والمقاعد اللّام

لتتحرر .. لا تخلص

صورة
لا أحب أن تُقدس الكتب، وتتحول المكاتب إلى معابد، والكتّاب إلى آلِهة، أكره كل ذلك الهراء حول الإعتكاف والإعتزال بالكتب.  نعم، أنا مصابة بمرض الفضول المعرفي الهائل، ولدي شغف مخيف لابتلاع كل تلك الكتب. في طفولتي كان كل ما تصله يدي تلتهمه عيني، كنت أعقد صفقات لتبادل الألعاب بالكتب.  لكن برغم من كل ذلك لم أكن ممن يتغزل بالكتب، ولا ممن يعلق صور المفكرين ويطوف حول أفكارهم ويحفظ كلماتهم كتعاويذ. إن علاقتي بالكتب صداقة، لا. أنا كاذبة! إنني برغماتية لعينة ابنة عصري المادي، الكتب وسيلة لغاياتي فأنا استبدلهم باستمرار كملابسي، لا أقيم علاقات غرامية مع الكتب كالمهووسين. اتذكر حين أخبرني صديق أنه مذهول من قدرتي السريعة والمرنة على ابتلاع كل الأفكار والتلاعب بها! أتعلمون أين هو السر؟  عدم الاخلاص. الاخلاص والولاء يقيدك يجعلك عبداً للفكرة، حين تؤمن بالفكرة وتُخلص لها فأنت تتحول لكلب مطيع، وتُحبس في عقل صاحبها كفكرة قديمة تموت وتنسى. العلاقة النفعية القائمة على عدم الولاء تجعلك تتقبل كل الأفكار، تزيل كل الحواجز الوهمية، تتحول جميعها إلى عجينة لينة بيدك، تستطيع بلا تأنيب ضمير انتقاد ماتشاء، تكفر بما تشاء