بقعة سوداء عالقة في الذاكرة
يحترق جسدك داخل مكان مغلق ولا يوجد إلا باب واحد للخروج، يقف أمام الباب رجل مجنون لا يتزحزح عن مكانه يحاول إبقائك داخل النيران، بحجة أنك لا ترتدي "قبعة"! وحين تقاوم وتحاول الهروب من الموت يقف لك بالمرصاد ويدفعك للجحيم لتعود وتحترق لأجل قطعة قماش يقدسها أكثر من روحك، ويعتبرها بطاقة عبورك ونجاتك من الموت، وأي محاولة إنسانية خارجية تقترب لمساعدتك تُعتبر إثم وجريمة في دستوره، تشاهد من معك بالداخل يختنقون ويذوبون وسط النيران كأوراق متطايرة، تصاب بالذعر فترمي بنفسك من النافذة للنجاة، يقف الجميع في الخارج صمٌ بكمٌ غير مبالين لاستغاثاتك وصرخاتك، وقبل أن ترتطم بالأرض تسمع هتافات الحمقى "ليحترق ولا تسقط عن رأسه القبعة المقدسة" تلاقي حتفك لأجل أن تحافظ على قداسة أفكارهم الملوثة بالدماء. هذا ما حدث في عام 2002 لمدرسة المتوسطة للبنات في مكة، قتلت خمسة عشرة طالبة وأصيبت خمسين أخريات تتراوح أعمارهن بين الثانية عشرة والسابعة عشرة، بسب حريق كان من الممكن إنقاذهم، لكنهم أُجبروا على البقاء داخل المدرسة المشتعلة ولم يسمحوا لهن بالمغادرة لأنهن لا يرتدين الحجاب، ومنع