المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف العمل

الأسباب الغائبة

صورة
           كان ينبغي علي قبل الكتابة أن أقيد أشباح ذكرياتي حتى يتسنى لي الحديث بشكل موضوعي، و كان لابد أن أخمد كل مشاعر الغضب والألم بداخلي، لكن عوضًا عن ذلك استحضرت أشباحي ودموعي لترافقني طوال رحلة الكتابة، فلم أرغب بأنّ اقف بمعزل عن الضحايا وأنا جزء منهم، أعرف مقدار الألم والخوف والرعب الذي يسكن بداخل كل امرأة تعرضت للتحرش الجنسي جراء تكذيبها أو ترهيبها أو تهديدها، أعرف أن هناك الكثيرات ممن تعرّضن لتحرّش و التزمن الصمت بسبب الخوف، وأعلم أن الأمر لن يُنتزع بشكل جذري بمجرد سَنّ القوانين، فالتحرّش الجنسي ليس شيئًا يحدث فقط بسبب رغبة عابرة يمكن إيقافها بشكل مباشر وسطحي، بل فعل ينطوي بداخله تاريخ طويل من التراكمات لاحتقار وإذلال المرأة مدفوعٌ باختلال القوة وانعدام المساواة بين الجنسين.       ربما يظن البعض أنه نوع من المبالغة حين تصرح بعض النساء أن جميعهن قد تعرضن لمحاولاتٍ عديدة من قبل الرجال لانتهاك اجسادهن واختراق خصوصياتهن، ولكن يصبح الأمر مفهومٌ بالنظر إلى طبيعة العلاقات لدينا التي لا تزال تدار بأسلوب "الطريدة والصياد" أو بالنظر إلى كيفية تعاطي المجتمع مع قضايا التحرّش،

العبثية الفاخرة

صورة
  كنت  أشاهد لقاء لشخصية نسائية ناجحة في العقد الخامس، تحكي قصة ابتعاثها في وقت كان يحرم على النساء حتى دخول المدارس الابتدائية، بدأت بسرد كيف ساهم أبيها العظيم في نجاحها، كيف وقف أمام القبيلة وأئمة كبار العلماء ليسمح لها بالابتعاث وليس فقط في نيل التعليم الأساسي، لم تكن فرادة القصة ما شدني للكتابة، فجميع قصص النجاح النسائية التي أسمعها من مجتمعنا تكون بنفس النمط المتكرر، الذي يذكر فيه دور الأب كشخصية محورية في تحديد مسار ابنته المهني وحتى الاجتماعي.  ما كان يشدني هي تلك الأسئلة التي غمرتني أثناء المشاهدة، لو كانت شخصية الأب مختلفة هل سيؤثر ذلك على مسار مستقبلها؟ ماذا لو لم يدعمها، ماذا لو وقف مع تقاليد القبيلة، ماذا لو كان الأب يقدس السلطة الدينية حينها؟ هل كنا سنعرف أو نسمع عنها؟ ماذا لو  أخيها رفض ابتعاثها وقرر تزويجها، هل ستكون شخصية عظيمة أم كبقية النساء اللاتي يركن على رفوف الحياة ويطويهم مد النسيان.   بعد اللقاء بأيام وصلت لي الإجابة من خلال حادثة شنيعة لفتاة تدعى"صباح" أشعلت سيرتها تويتر لأيام، كانت صباح بشهادة من حولها فتاة ذكية ولها مستقبل مشرق لكن بمحض الصدفة وعشو

هل عاطفة المرأة تمنعها من تولي المناصب القيادية؟

صورة
     هناك اعتقاد سائد أن النساء كائنات عاطفية بينما الرجال كائنات عقلانية، وبناء على ذلك الاعتقاد فإن المرأة لا تصلح للقيادة ولا لتولي السلطة، لأنها أرق وأضعف من أن تتخذ القرارات المصيرية.   إذن مشكلتهم كما يزعمون ليست نابعة من كونك امرأة بل من عاطفتك. لنفترض أن ذلك الاعتقاد صحيح وأن العاطفة تتعارض مع القيادة، لنثبت صحة افتراضهم نحتاج لوجود شخص ذو معدل ذكاء عالي وقدرات عقلية سليمة ويتمتع بذاكرة جيدة لكن يخلو بشكل تام من العاطفة، إليوت -حالة مرضية لدى طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو- سيكون هو النموذج المثالي لذلك.  كان "إليوت" مصاب بورم في الفص الجبهي (الجزء المسؤول عن المشاعر والوعي بالنفس) من دماغه وبعد استأصل الورم، كانت لا تزال قدراته العقلية سليمة ذاكرته جيدة،  يتحدث بكل عقلانية ووضوح لا تظهر عليه أي أعراض جانبية،  بعد أشهر من الحادثة بدأ يسوء كل شي فتراجع أداءه في العمل، بدأ يهمل حضور الاجتماعات والمواعيد مما أدى في النهاية إلى فقدانه وظيفته، ثم بعد ذلك تورط في طرق مشبوهة لكسب المال انتهى به الأمر إلى الإفلاس.    "إليوت" قبل الورم كان شخص ناجح ملتزم بعمله شخص جدير

هل أخطأ الإله حين منح النساء عقول

صورة
"اليوم فقدت عملي، هنا لا يهم أن تفقد المرأة عملها فهو مجرد تسلية، لا ينظر لعملنا ودراستنا بالنظرة الجادّة كما ينظر لأعمالهم" هذا ما قالته صديقتي بعد أن فقدت عملها خلال أزمة كورونا، فما كان من زوجها إلا أن يمنحها تلك المواساة الباردة "وظيفتك على أيّةِ حال لم تكن مهمة وفقدانها خيرة لأجل أن يتسنّى لك العناية بالأطفال"     موقف صديقتي أعاد لي شي من ذكريات الطفولة، في طفولتي كان من عادة أبي وعمي إجراء مسابقات تعليمية بين الأطفال، كان الفوز في الأغلب من نصيبي كنت قادرة على هزيمة حتى الأكبر مني سناً من الصبيان، كنت أشاهد نظرة الفخر بعين أبي بالرغم أنه فخر باهِت، وأسمع صوت عمي يتردد "ليت الله عطى عقلها لواحد من خوانها" شعرت أنه يحاول سرقة جزء مني، وكأنه يطلب أن أنتزع أحد أعضائي لعدم استحقاقي لها، فحين تكون الملكية للمرأة يصبحون اشتراكيين وحين تكون للرجل يتحولون لرأسماليين.  حاولت طوال عمري احارب لأثبت أحقيتي لهذا العقل كطير يحلق كل يوم بلا هدف ليثبت للعالم أحقيته بالطيران، لكن محاولاتي اشبه بنقل صوتي عبر الفراغ، سحقت ذاتي في مجتمع يهدر طاقة النساء ثم يلومهم على ذل