التفاهة جوهر الوجود

 




"التفاهة هي جوهر الوجود" أخر جملة ختم بها كونديرا كل أعماله.


لتتخيّل العالم كما تخيله ميلان كونديرا حفلةً ضخمةً من التفاهةِ، الجميع مدعوُّ للحفلة من عظماء التاريخ، العباقرة، الفلاسفة، الحمقى، الطّغاة، وحتى المشرّدين والمهمشين، والصعاليك والمجانين. يتظاهر الجميع بأن الحفلة لا تنتهي، كل الأحداث تتخذ صورة العبث اللانهائيّ. 

المقاعد الأولى ستكون من نصيب ملاك اليقين متلحفين معاطف العقول، يسطعون كنجومٍ تحت هالة الأضواء، أولئك الذين يسعون لترويض العقول كما تروض الحيوانات، يختلقون قضايا وهميّةً لِيثملُون أيّامٍ وسنواتٍ عليها.

 

يجلس خلفهم حَفنةً من الطفيليين والانتهازيين، يستغلّون كل ما يقوله ويكتبه من سبقهم، يقتاتُون على ما يبصِقُونهُ ذوي المقاعد الأولى،يشربون ما تبقّى في الكؤوس، يدورون في زوبعاتِهم المصطنعة، وحين يصابون بالدّوار يلعنون الوعي. 


بقية المقاعد تتكدس بالبسطاء اللامبالين، والحمقى السعداء. عند الأبواب يقف أولئك الذين يرغبون بالخروج مبكرًا  لانعدام رغباتهم في الاستمتاع.


بين الزوايا وتحت الظلال يقبع شاردِي الذهن المنهمكين في طحن الأفكار، يتحسسون من الأضواء والمقاعد اللّامعة، يختفون بين الحشود ليصبحوا أقل أهمية وأكثر حرية. 

ليسوا كالآخرين أذهانهم غير قابلةٍ لترويض تسلكُ دروبٍ خاصّة تتبع منطقًا لا يقاسمه أحد، يصرخون علنًا عن كل تلك الأجزاء المدفونة. نصابٌ باليقظة عندما نقابلهم أول مرة وحين نغادرهم نحمل مقاومتهم داخلنا.


المقاومة الوحيدة الفعالة وسط تلك الفوضى؛  الانغماس في الحماقات دون محاولةٍ لفهم أو قلب العالم.



                                                       

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البرمجة منتج نسائي استحوذ عليه الرجال

تأملات في الذكاء الاصطناعي

الأسباب الغائبة

أشلاء

هي ...

الأمومة الموحشة

استبداد الذكورية على الرجال