أشلاء
رفعت رأسها قليلًا بعينين مثقلتين يشقّ عليها فتحهما، نظرت والألم يثقل جفنها، فإذ بشخص غريب بمعطف أبيض وشعر أسود يتخلله بعض البياض يجلس أمام سريرها الذي يكاد غطاؤه ينزلق عنها، فقالت في نفسها: "إنني أهذي، ليس ما أراه حقيقيًّا"، فأغلقت عينيها لعله يتبدد كخيط دخان في السماء. عاد صوته الثقيل يتدفق بالمكان ويخترق مسامعها، بدا لها صوتًا مثيرًا لكنه غير مألوف، ففكرت: "هذا صوت غير مألوف، و هلاوسي لا تجلب لي إلا من تألفهم نفسي، ربما لأول مرة تصيب حواسي وتخيب هلاوسي"، فتحت عينيها للتأكد أنه لم يكن حلمًا أو نوبةً من نوبات هلاوسها المعتادة. نظر إليها الطبيب مبتسمًا وقال: "الحمد لله على سلامتك". قالت بنفسها: "ما الذي حدث لي؟"، نظرت إلى معصمها الذي يلتف حوله الشاش وكأنه يعانقه، فتذكرت أرضية حمامها الباردة التي تشكلت بدمائها الدافئة، تذكرت مرآة الحمام التي نظرت إليها بتمعن قبل أن تودعها، تذكرت قطع ملابسها التي قررت أن تتحرر منها للأبد، تذكرت لمعان الشفرة الذي تلألأ على سطح الماء. قاطع صوته جلسة استحضارها للذكريات وقال: - يبدو أن سؤالي مزعج، لكن لابد أن أعر