المشاركات

نظرة نسوية خاصة

صورة
    بغض النظر عن اختلافاتنا الإجتماعية والإقتصادية وطبيعة المكان الذي نشأنا فيه إلا أن كل شخص يمتلك رؤيته الخاصة التي تكونت من تجاربه وظروفه.  ينطبق الأمر ذاته على النسوية، أعتقد كل امرأة تمتلك نظرة نسوية خاصة بها، بالطبع أننا نتشارك النقاط المحورية ولكننا نختلف في التفاصيل الصغيرة تلك التي تنتج من نظرتنا الخاصة وتصوراتنا عن الحياة وطبيعة مجتمعاتنا. الاختلافات الصغيرة برغم من بساطتها إلا أن البعض لا يتقبلها ويحولها إلى جدالات كبرى، فبعض النساء تعتقد أنها تملك أوسمة الشرف النسوي لتمنحها من تشاء من النساء، توظف الخطاب النسوي ليس لخدمة النساء وقضاياهم بل لتسكت الاخريات، تستخدم السلطة النسوية كسلاح يوجه لكل من تريد النيل منه، تحول النسوية من حركة ثقافية وقوى اجتماعية إلى عمل سطحي غايته فقط الإنتصارات الوهمية. الحركات الاجتماعية لم توجد لأجل التقديس والتبجيل، البشر لم يثورون طوال التاريخ لأجل خلق المزيد من القيود بل للتحرر وحل مشكلات الواقع، وهذا سبب نشأة النسوية الغربية التي انطلقت من واقعها لحل مشكلاتها، والنسوية الإفريقية والهندية كذلك حين لم تكن النظريات النسوية الغربية كافية لحل قضاياه

الحب خليط من القداسة والحقارة

صورة
    العواطف الأساسية لدى الجنس البشري كالخوف والغضب والدهشة والحزن والفرح والاشمئزاز تشكلت بالإنتخاب الطبيعي دون أن تتعلمها، توجد بشكل تلقائي لدى الشخص منذ ولادته.  لكن عاطفة مثل الحب تعتبر عاطفة مركبة تتكون فيما بعد، ويتطلب وجودها لوعي، وهذه إحدى الأسباب التي أسبغت على الحب الغموض والدهشة، فهو من العواطف التي تتحكم بنا ولا نستطيع التخلص من سطوتها.  فقديمًا ارتقى الحب لمنزلة القداسة والألوهية، في ذلك الزمان كان كل شيء غامض ومجهول هو مقدس بالضرورة، فكيف بمشاعر تسيطر على الإنسان وتحركه بدون إرادته؟ كان هناك أساطير عديدة لتفسير الحب، أقربها لقلبي "أن البشر فيما مضى كانوا مخلوقات ذات ‏أربعة أذرع وأربعة أرجل ووجهين.  ‏وذات يوم أغضبوا الآلهة، فشطر (زيوس) كل واحد منهم إلى إثنين، ومنذ ذلك الوقت، فقد كل شخص نصفه أو نصفها الآخر".  ‏كانت تلك الاسطورة لأفلاطون فالحب في اعتقاده يتحقق حين تجد نصفك وكأن الحب يجعلنا مكتملين. ‏الفلاسفة القدماء تفسيراتهم للحب كانت خيالية وأسطورية لكنها تحمل معاني جميلة، بينما من جاء بعدهم كانوا على النقيض، نزعوا عنه قداسته وجماله وجردوه وأصبح حيواني ،فمثلاً اع

آين راند عدوة النسوية الخائنة لجنسها

صورة
     آين راند من اكثر الشخصيات جدلاً في القرن العشرين، ألهمت جيلاً كاملاً من الأمركيّين، ففي عام 1991م اعتبرت روايتها" Atlas Shrugged ثاني أكثر الكتب تأثيراً بعد الإنجيل. فقد أثارت زوبعة حينما اعتبرت الأنانية فضيلة، والإيثار رذيلة، والرأسمالية أعلى الإنجازات البشرية. حينها وكما استغل النازيون فلسفة نيتشه؛ استغل اليمينيين المتطرفين فلسفتها. كتبت آين راند في مذكراتها " كان لدي خلاف مع الفلسفة وقواعدها الأخلاقية فكان علي أن أؤسس تفكيري الخاص" أسست فلسفتها التي سمتها بـ "الموضوعانية" Objectivism  وتنص فلسفتها على ان الواقع موجود بشكل مطلق وموضوعي، ومنفصل عن الوعي والمشاعر والرغبات، فهو موجود كما هو وليس كما نريد أن يكون، وتنمي الانسان خلاف ذلك لن يغيره. والعقل هو الوسيلة التي يملكها الإنسان لفهم ذلك الواقع، ليس وظيفة العقل خلق واقع جديد بل فهم الواقع الموجود. الأخلاق في اعتقادها لا ترتكز على الإيمان ولا على الأهواء العشوائية ولا القوانين التعسفية ولا العواطف، وإنما على العقل ويمكن إثباتها بواسطة المنطق.  والإنسان غاية في ذاته وليس وسيلة لغايات الآخرين يعيش لنفسه و

المرأة الذكورية العائق ضد تحرير ذاتها

صورة
        تبدأ الحكاية من أول أسطورة تتغذى بها عقولنا حول النساء، ففي الأساطير جميع النساء جميلات لكنهن ساذجات، ثرثارات، لا يملكون أي قدرة سوى التوسل والبكاء، وإن ملكنا القدرة فهي تتجسد في الشر وتتمحور في الغيرة والكيد، ولا تعمل عقولهن إلا من خلال المكر والخداع، حتى أخلاقهن فهي كما يصفها نيتشه أخلاق الضعفاء والعبيد. صورة المرأة كانت تتجسد في خطين متوازيين، التقديس والتدنيس. فالتقديس لن تناله المرأة حتى تحول نفسها لأداة للولادة وترتفع قيمتها بدرجة خصوبتها، أو أن تكون كالدمية تتجرد من صفاتها البشرية تتحول لكائن اسطوري، تُصبغ بالمثالية وتجبر على التضحية والتفاني والعطاء. أما التدنيس فهو الشرف الذكوري الذي تناله جميع النساء فأجسادهم رمز للظلال والفتنة، وهذا الشرف لن تناله إلا من خلال الستر. ثم يأتي التحليل النفسي الفرويدي ليتوج تلك الخرافة بوهم المعرفة ويجعل جوهر المرأة "عبادة القضيب" وطبيعتها "المازوشية"! لم ينصف احد المرأة ويخرجها من تلك القوالب والأنماط إلا العلم فهو الحاكم العادل الذي يتساوى الجميع في محاربه. وبرغم نسف العلم لكل تلك الصورة النمطية التحقيرية حول طبيعة

هل النسويّة فكرة غربية والنساء فالشرق لم يعرفن المساواة وماهية حقوقهم

صورة
    "في الرابعة عشر من عمري سمعت لأول مرة كلمة نسوية حين وصفني بها صديقي كشتيمة أثناء النقاش، لم أكن حينها اعرف ما معنى تلك الكلمة، تطلب مني الأمر أن ابحث عن ما تعنيه حين عثرت على معناها قررت بكل فخر أن أصف نفسي بها.  بعدها بسنوات عند نشر أول رواية لي أخبرني الناشر أنها رواية نسوية ونصحني بتغييرها فالنسوية تعني النساء الوحيدات التعيسات لكنني لم أكن تعيسة ولا وحيدة! فتوجب علي إعادة تعريف نفسي (بالنسوية السعيدة)  بعد نشر الرواية وصل لي العديد من الإنتقادات: النسوية فكر تغريبي، كره الرجال، إفساد القيم، مسترجلة... توجب علي وقتها تعريف نفسي من جديد (بنسوية سعيدة أفريقية لا تكره الرجال وتضع أحمر الشفاه)   وكان في كل مرة يصل لي نقد أضيف كلمة جديدة للتعريف عن نفسي، في نهاية الأمر أصبح علي قبل أن أقول من أنا أسرد لهم قائمة طويلة لتبرير نسويتي" النص السابق للكاتبة تشيماماندا انجوي اديتشي.  أعتقد جميعاً مررنا بما مرت به فحين نقول عن أنفسنا نسويات يصل لنا نفس تلك الإنتقادات والإعتقادات الخاطئة حول هويتنا النسوية. "النسوية غربية" لا اعلم كيف أن تلك الحجة الغبية المضحكة لا تزال ت

مقبرة العدم الجماعية لنساء

صورة
  لأيام وأنا أبحث لماذا كان لون العباءة أسود، ولماذا الإصرار على بقائها سوداء، ولماذا هناك رفض لكل محاولة لتغير لونها؟ طوال التاريخ العربي كان اللون الأسود يمثل المقبرة المظلمة التي يتم إسقاط كل الأمور السيئة فيها، فالحزن والفقر والكراهية والحقد والموت كلها ترمز بالسواد، حتى الأشخاص الأشرار والظالمين والسحرة يُشار إليهم بذوي القلوب السوداء. اما الأبيض فكان على العكس يرمز للخير والنور والسعادة والعدل، واليد البيضاء عند العرب تدل على الإنعام والإحسان، "أبيض الوجه" أي نقي السريرة، هنا العرب لا يقصدون لون البشرة بل رمزية اللون ودلالته. في ثقافتنا ثنائية الأبيض والأسود هي الحضور والغياب، العدم والوجود، الرجل والمرأة. فالرجل بثيابه البيضاء هو كناية عن النور، والمرأة تمثيل لغياب النور، هو الوجود وهي الغياب عن الوجود. العباءة السوداء هي رمز خفي لإنكار وجود المرأة، هي مقبرة العدم الجماعية التي ترسل إليها كل النساء، ولم تكن تكفي لطمس وجودنا حتى طالبوا بالنقاب ثم تغطية العيون ثم القفازات، لم يهدأ لهم بال حتى وصل اقصى تطرفهم لطمس كل جزء من المرأة بالسواد حتى صوتها كتم لأنه عورة!! في الث

امرأة تسحب العالم كله نحوها

صورة
      ما تدركه عقولنا اليوم صنع من خلال الرجال، الأديان، اللغة، التاريخ، الفلسفة، والأيدولوجيات، الحروب، الإقتصاد كلها نتاج العقل الذكري، فحين قرر الرجال خلق الدين قتلوا العقل، وحين قرروا خلق الفلسفة قتلوا الغريزة، وحين خلق العلم قُتلت الروح، وحين خلق المال قتل الإنسان.لطالما كانوا يدورون في حلقاتهم المفرغة تارة يقدسون العقل وتارة يقتلونه، يقدسون الجنس وتارة يحقرونه. كنت أتساءل أين كانت النساء خلال تلك الصراعات الذكورية؟ تم اقصائهم وحكم عليهن بالمراقبة دون التفاعل، لكن ذلك الإقصاء كان طوق النجاة للنساء، النساء نجوا من التفكير الذي قلب الموازين، مراقبتهم للجوانب الصغيرة التافهة مكنتهم من ملاحظة التعقيدات الهائلة، وحّد بين الفكر والشعور لديهن. "جيمس باري" تلك الطبيبة المتنكرة بملابس الرجال، تخلت في غرفة العمليات للحظة عن كل ما تعلمته من الرجال، وآمنت بذلك الصوت الداخلي الذي همس لها أنها تستطيع انقاذ الجنين وأمه، وبذلك تكون أول من استطاع تغير الطب الحديث لتنقذ الملايين من النساء خلال العمليات القيصرية. ذلك الصوت الداخلي هو أيضاً من أوحى لتلك النسوة في العصور الوسطى لمعرفة العلاج