المشاركات

المرأة الذكورية العائق ضد تحرير ذاتها

صورة
        تبدأ الحكاية من أول أسطورة تتغذى بها عقولنا حول النساء، ففي الأساطير جميع النساء جميلات لكنهن ساذجات، ثرثارات، لا يملكون أي قدرة سوى التوسل والبكاء، وإن ملكنا القدرة فهي تتجسد في الشر وتتمحور في الغيرة والكيد، ولا تعمل عقولهن إلا من خلال المكر والخداع، حتى أخلاقهن فهي كما يصفها نيتشه أخلاق الضعفاء والعبيد. صورة المرأة كانت تتجسد في خطين متوازيين، التقديس والتدنيس. فالتقديس لن تناله المرأة حتى تحول نفسها لأداة للولادة وترتفع قيمتها بدرجة خصوبتها، أو أن تكون كالدمية تتجرد من صفاتها البشرية تتحول لكائن اسطوري، تُصبغ بالمثالية وتجبر على التضحية والتفاني والعطاء. أما التدنيس فهو الشرف الذكوري الذي تناله جميع النساء فأجسادهم رمز للظلال والفتنة، وهذا الشرف لن تناله إلا من خلال الستر. ثم يأتي التحليل النفسي الفرويدي ليتوج تلك الخرافة بوهم المعرفة ويجعل جوهر المرأة "عبادة القضيب" وطبيعتها "المازوشية"! لم ينصف احد المرأة ويخرجها من تلك القوالب والأنماط إلا العلم فهو الحاكم العادل الذي يتساوى الجميع في محاربه. وبرغم نسف العلم لكل تلك الصورة النمطية التحقيرية حول طبيعة

هل النسويّة فكرة غربية والنساء فالشرق لم يعرفن المساواة وماهية حقوقهم

صورة
    "في الرابعة عشر من عمري سمعت لأول مرة كلمة نسوية حين وصفني بها صديقي كشتيمة أثناء النقاش، لم أكن حينها اعرف ما معنى تلك الكلمة، تطلب مني الأمر أن ابحث عن ما تعنيه حين عثرت على معناها قررت بكل فخر أن أصف نفسي بها.  بعدها بسنوات عند نشر أول رواية لي أخبرني الناشر أنها رواية نسوية ونصحني بتغييرها فالنسوية تعني النساء الوحيدات التعيسات لكنني لم أكن تعيسة ولا وحيدة! فتوجب علي إعادة تعريف نفسي (بالنسوية السعيدة)  بعد نشر الرواية وصل لي العديد من الإنتقادات: النسوية فكر تغريبي، كره الرجال، إفساد القيم، مسترجلة... توجب علي وقتها تعريف نفسي من جديد (بنسوية سعيدة أفريقية لا تكره الرجال وتضع أحمر الشفاه)   وكان في كل مرة يصل لي نقد أضيف كلمة جديدة للتعريف عن نفسي، في نهاية الأمر أصبح علي قبل أن أقول من أنا أسرد لهم قائمة طويلة لتبرير نسويتي" النص السابق للكاتبة تشيماماندا انجوي اديتشي.  أعتقد جميعاً مررنا بما مرت به فحين نقول عن أنفسنا نسويات يصل لنا نفس تلك الإنتقادات والإعتقادات الخاطئة حول هويتنا النسوية. "النسوية غربية" لا اعلم كيف أن تلك الحجة الغبية المضحكة لا تزال ت

مقبرة العدم الجماعية لنساء

صورة
  لأيام وأنا أبحث لماذا كان لون العباءة أسود، ولماذا الإصرار على بقائها سوداء، ولماذا هناك رفض لكل محاولة لتغير لونها؟ طوال التاريخ العربي كان اللون الأسود يمثل المقبرة المظلمة التي يتم إسقاط كل الأمور السيئة فيها، فالحزن والفقر والكراهية والحقد والموت كلها ترمز بالسواد، حتى الأشخاص الأشرار والظالمين والسحرة يُشار إليهم بذوي القلوب السوداء. اما الأبيض فكان على العكس يرمز للخير والنور والسعادة والعدل، واليد البيضاء عند العرب تدل على الإنعام والإحسان، "أبيض الوجه" أي نقي السريرة، هنا العرب لا يقصدون لون البشرة بل رمزية اللون ودلالته. في ثقافتنا ثنائية الأبيض والأسود هي الحضور والغياب، العدم والوجود، الرجل والمرأة. فالرجل بثيابه البيضاء هو كناية عن النور، والمرأة تمثيل لغياب النور، هو الوجود وهي الغياب عن الوجود. العباءة السوداء هي رمز خفي لإنكار وجود المرأة، هي مقبرة العدم الجماعية التي ترسل إليها كل النساء، ولم تكن تكفي لطمس وجودنا حتى طالبوا بالنقاب ثم تغطية العيون ثم القفازات، لم يهدأ لهم بال حتى وصل اقصى تطرفهم لطمس كل جزء من المرأة بالسواد حتى صوتها كتم لأنه عورة!! في الث

امرأة تسحب العالم كله نحوها

صورة
      ما تدركه عقولنا اليوم صنع من خلال الرجال، الأديان، اللغة، التاريخ، الفلسفة، والأيدولوجيات، الحروب، الإقتصاد كلها نتاج العقل الذكري، فحين قرر الرجال خلق الدين قتلوا العقل، وحين قرروا خلق الفلسفة قتلوا الغريزة، وحين خلق العلم قُتلت الروح، وحين خلق المال قتل الإنسان.لطالما كانوا يدورون في حلقاتهم المفرغة تارة يقدسون العقل وتارة يقتلونه، يقدسون الجنس وتارة يحقرونه. كنت أتساءل أين كانت النساء خلال تلك الصراعات الذكورية؟ تم اقصائهم وحكم عليهن بالمراقبة دون التفاعل، لكن ذلك الإقصاء كان طوق النجاة للنساء، النساء نجوا من التفكير الذي قلب الموازين، مراقبتهم للجوانب الصغيرة التافهة مكنتهم من ملاحظة التعقيدات الهائلة، وحّد بين الفكر والشعور لديهن. "جيمس باري" تلك الطبيبة المتنكرة بملابس الرجال، تخلت في غرفة العمليات للحظة عن كل ما تعلمته من الرجال، وآمنت بذلك الصوت الداخلي الذي همس لها أنها تستطيع انقاذ الجنين وأمه، وبذلك تكون أول من استطاع تغير الطب الحديث لتنقذ الملايين من النساء خلال العمليات القيصرية. ذلك الصوت الداخلي هو أيضاً من أوحى لتلك النسوة في العصور الوسطى لمعرفة العلاج

لتتحرر .. لا تخلص

صورة
لا أحب أن تُقدس الكتب، وتتحول المكاتب إلى معابد، والكتّاب إلى آلِهة، أكره كل ذلك الهراء حول الإعتكاف والإعتزال بالكتب.  نعم، أنا مصابة بمرض الفضول المعرفي الهائل، ولدي شغف مخيف لابتلاع كل تلك الكتب. في طفولتي كان كل ما تصله يدي تلتهمه عيني، كنت أعقد صفقات لتبادل الألعاب بالكتب.  لكن برغم من كل ذلك لم أكن ممن يتغزل بالكتب، ولا ممن يعلق صور المفكرين ويطوف حول أفكارهم ويحفظ كلماتهم كتعاويذ. إن علاقتي بالكتب صداقة، لا. أنا كاذبة! إنني برغماتية لعينة ابنة عصري المادي، الكتب وسيلة لغاياتي فأنا استبدلهم باستمرار كملابسي، لا أقيم علاقات غرامية مع الكتب كالمهووسين. اتذكر حين أخبرني صديق أنه مذهول من قدرتي السريعة والمرنة على ابتلاع كل الأفكار والتلاعب بها! أتعلمون أين هو السر؟  عدم الاخلاص. الاخلاص والولاء يقيدك يجعلك عبداً للفكرة، حين تؤمن بالفكرة وتُخلص لها فأنت تتحول لكلب مطيع، وتُحبس في عقل صاحبها كفكرة قديمة تموت وتنسى. العلاقة النفعية القائمة على عدم الولاء تجعلك تتقبل كل الأفكار، تزيل كل الحواجز الوهمية، تتحول جميعها إلى عجينة لينة بيدك، تستطيع بلا تأنيب ضمير انتقاد ماتشاء، تكفر بما تشاء