المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2021

استبداد الذكورية على الرجال

صورة
     منذ أن بدأت اكتب في النسوية، وتركيزي كله منصب على فهم الواقع والمشاكل المحيطة بالمرأة من خلال فهم المرأة، كنت أبحث عن الإجابات في كتب النسويات والنظريات النسوية، أو من خلال الاحتكاك بالنساء والسماع منهن، لكن منذ فترة توقفت وبدأت أفكر بأنني طوال الوقت أبحث في نفس المنطقة التي تبحث فيها غالبية النساء، ربما الإجابة في المنطقة الأخرى في الوكر المحرم علينا نحن النساء الاقتراب منه، ربما من كان جزء من المشكلة هو ايضاً يشكل جزءٍ من الحل. قررت أشمر عن ساعدي وأتوغل في وكر الذكورية لعلي أطلع على فردوسهم الموعود، فلطالما تم تصوير الذكورية في أذهاننا على أنها جنة الرجال وجحيم للنساء، اتفق مع الثانية لكن مع الأولى لدي شك هل حقًا تبدو لهم كالجنة أو هي جنة لدى القلة منهم، أو ربما هي كجنة الأديان مكان يسكن في المخيّال البشري بينما في الواقع لا يوجد إلا الجحيم للجميع. بدأت بسؤال من حولي، وعبر الانترنت. ما ضرر النظام الأبوي عليك كرجل؟ "اعتقد مشكلة الذكورية الأزلية هي القوالب اللي تضع فيها كل جنس. فأنا كرجل يجب أن أكون على الدوام القوي الشجاع القوَّام طوال الوقت. وهذا بحد ذاته مسؤولية غ...

بخفة الرقص يعاد تشكيل العالم

صورة
  حينما كنت في العاشرة قرأت قصة تدور حول رجل يصعد الجبل، ويفرد ذراعيه كالنسر ويضرب الأرض بقدميه كثور هائج، ثم يبدأ الرقص بحركات غير مألوفة، وحين يعود للقرية ويسأله أهل القرية ماذا فعلت فيجيب: كنت أناجي الله ! شغلت تلك القصة الغريبة عقلي، بدأت أحاول فك شفراتها المستعصية. الرقص يمارس في أكثر اللحظات طيش ولهو، أما الصلاة تقام في أكثر اللحظات جديّة ووقار فكيف تجتمع؟ تجسد أمامي أول تنافر مريع أشهده في حياتي! في اليوم التالي ذهبت للمدرسة مرتابة، وكأني رسول يحمل رسالة سماويّة يتوجب عليه تبليغها. أخبرت صديقاتي أن هناك طقس سري للعبادة وجدته في كتاب قديمٍ محظور، وبدأت أقلد لهم حركات الرجل المجنون التي قرأتها وأبتدع لهم حركات جديدة غير مفهومة، شيئًا فشيئًا انتشرت الرسالة، وأخذت أرقص في كل الزوايا، وازداد عدد المؤمنين والتابعين.   أعجبني الأمر وتحول إلى طقسٍ يومي، كل ما علي فعله ضبط إيقاع الرّوح على خطواتي لتتزامن بنشوة ساحرة، أتحرك وفقًا لغريزتي لم يوجد بذهني أي حركات محددة وكأنني رحّال لا يعلم أين الوجهة كل ما عليه أن يثق بحدسه ويكمل الطريق المجهول.  وصلت دعواتي التبشيرية إلى ...

الجندر وعلاقته بعدم المساواة بين الجنسين

صورة
    عندما أنجبت أختي ابنها الوحيد بعد ثلاث فتيات كانت مهمة تنشئته أشق عليها من ولادته. ولد طفلها في عالم مألوف مثالي متكامل لكنه باللون الوردي، وفي شرع البشرية من الجُرم أن تتلطخ أقدام صبي بذلك اللون.  فبدأت أختي وزوجها بمحاولة تجنيد الطفل المسكين وانتزاعه من عالم أخواته حتى لا يصبح "فتاة" على حد قولهم، وكأن الأعضاء والهرمونات ستتغير بمجرد تغير لون الملابس، فكان هناك ألوان مجرّمة وألعاب محظورة وكلمات محرمة.  نشأ الطفل يلعب متنقلاً بين عالمين متلاصقين، عالم أخواته المألوف الذي يسمح له أن يستأنس به لكن لا يترك آثاره تعلق به وإلا سيحكم عليه بالضلال، وعالم مجهول غريب عنه لم يألفه له قواعد عنيفة، وكلمات قاسية، وممرات وعرة ينبغي عليه أن يعبرها ليثبت استحقاقيته لحمل تلك الكروموسومات. لم تكن أختي وزوجها ذو تصرفات غريبة ربما سردي هو ما جعلها عملية غير مألوفة، لكنها عميلة اعتيادية تجري داخل الأسر، منذ لحظة الولادة ينطلق الوالدين في عملية بناء الذكورة والأنوثة، وتتحول البيوت إلى مختبرات بشرية ضخمة لصناعة قيم وسلوكيات تتناسب مع جنس كل مولود. يكفي أن تسير في الشارع لترى بوضوح نتي...